طريق السلحفاة 2.. عبدالله ربيع

طريق السلحفاة 2
...حلب
..
توجهنا شمالا ..يكاد بعضنا يبتسم فرحا بابتعادنا عن حواجز السطو تلك ...هجرت مظاهر الخوف وجوهنا ...وضحكت عيوننا ...وحمدنا ربنا بتجاوز ...هذه الشرذمة من الناس ...
التفتّ الى الطالب الجامعي ...نظر الي ورأى السؤال في عيني ..ابتسم ..وقال:عندما أصل تلك المدينه سأتدبر أمر وصولي الى قريتنا ....شكرا لك أستاذ..
الشاب الآخر كان فرحا جدا ..كان يظن أنه اقترب كثيرا من أهله ...في الخلف همهمة بين النساء وحركة ...وبعض الضجة .وذلك بسبب تنبيه المعاون لهن :اقتربنا من حاجز جبهة النصرة ..كل واحدة تضع الخمار على وجهها ...
من بعيد ظهرت أمامنا قرية صغيرة ...لايهم اسمها ...في مدخل القرية ..كان حاجز جبهة النصرة ...ثلاثة شبان ..لحاهم نمت على وجوههم ..جزرا ..لم تغط كامل الوجه ..
صعد أحدهم الى الباص عمره ..في بداية العشرين ..يغطي ذقنه شعر كثيف ..وكذلك امتداد سوالفه حتى منتصف الخد...كان متعلثما ...: السلام عليكم ...من فضلكم ..أخرجوا الهوايا..أقصد..أبرزوا البطاقات الشخصية ...لم يبتسم ...أخفينا ابتسامة ..
ترك الجميع وتوجه الى الطالب الجامعي وبعد أن دقق أوراقه ..ابتسم وتوجه الى الشاب الوحيد 
دقق بطاقته الشخصية ..نظر الى وجهه ..ترك البطاقة بيده ..أمره بالنزول ..
نزل الشاب الوحيد ...بعد قليل قام المعاون بانزال حقيبة الشاب ...وتابع الباص مسيره..
قال المعاون :سيأخذونه الى الفرع العسكري ...سيحققون معه ..واذا لم يكن عليه شيء سيوصلونه هم الى مدينته ...
اشارات التعجب والاستغراب ارتسمت على وجوهنا جميعا ...جبهة النصرة ...وفرع عسكري 
..ترى أين نحن؟
سمعنا أذان المغرب بعد أن خرجنا من بلدة سنجار ...وبعد زمن قصير وصلنا بلدة معرشورين ..وهي تبعد عن معرة النعمان بحدود 3كم ..وكانت الاستراحة حيث أذاع السائق بيانا للركاب أننا سنبيت هنا هذه الليلة...
كان الأمر قاسيا جدا علي ..هل ستستغرق رحلتي من حلب والى حلب ..يومين ؟؟
شرح السائق :لانستطيع السير بالليل خوفا من القصف ..أو الصواريخ الحرارية ..
كانت ليلة باردة جدا ..وكانت المصيبة أن تنام على كرسي الباص بلا غطاء ...
بعد أذان الفجر استفاق المسافرين على صوت محرك الباص ...الذي تابع السير 
على اوتوستراد حلب_دمشق ..ذلك الطريق الذي اشتقنا له طويلا...
نزلت في حريتان وتابع الباص رحلته الطويلة الى الرقة ..حيث احتمانل مبيتهم في مناطق تل رفعت ليلة أخرى كما أخبرهم السائق فتكون رحلتهم من حلب الى الرقة تمتد الى أربعة أيام تقريبا.....
ركبت حافلة توجهت الى حلب عبر طريق الكاستيللو ...و..
وصلت حلب ...يسمونها المحررة ...وأسميتها المدمرة ....الغبرة تزكم الأنوف ..بسبب كثرة البيوت المهدمة ..والأبنية المخربة ...والوجوه الحزينه ....رغم الأمل المرسوم في العيون 
عندما طرقت الباب جاءني صوت أختي التي غبت عنها سنتين ونحن في مدينة واحدة 
فتحت الباب وقفت ...شهقت...نادتني باسمي..واحتضنتني...
وبكينا معا.....
..
.... عبدالله ربيع
.... ..... .... نوفمبر /تشرين ثاني 2015

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة