المنصف بن مراد يكتب عن الــــــدّولــة التــونسـيـة ولجــان حمـايــة الخـراب

لا بدّ أنّكم تتذكّرون كيف وقع سحل الشّهيد لطفي نقض بطريقة بشعة من قبل مجموعة متألفة من أكثر من عشرة أشخاص من بينهم اعضاء من النهضة وحزب المرزوقي ولجان حماية الخراب، وهي جريمة دولة نكراء كانت تنبئ بولادة نظام أفغاني أوعقائدي اجرامي بدأت بذوره تبرز في عهد الترويكا، ولولا اتحاد الشغل ونساء هذه البلاد والديمقراطيين الميدانيين وعدد من الأمنيين ويقظة الضباط الوطنيين في الجيش لسقطت تونس في قبضة مجانين العقيدة و«معدمي المستقبل»..
وبكلّ صراحة كان مخطّطا جهنّميا حبكته إدارة اوباما بهندسة من هيلاري كلينتن ومباركة من بعض الدول الغربية وتواطؤ من بعض «المرتزقة» لتدمير تونس واركاعها لفائدة الحركة الاسلامية، ويكفينا هنا التذكير بتصريحات بعض قيادات النهضة آنذاك والمهدّدة بحرب أهلية وسحل المعارضين وصلب بعض المتظاهرين وإحكام القبضة على القضاء والأمن كما يكفينا التذكير باستقبال منصف المرزروقي للجان «حماية» الثورة والمتشدّدين الدّينيين حتى نتأكّد من أنّ حكومتي الترويكا كانتا ترميان لتحطيم 3000 سنة من التاريخ وارساء دولة الترهيب والميلشيات المسلحة..

واليوم اما ان تتخلّى حركة النهضة عن مشروعها الدّيني المستورد وتبريرها لفظاعات  داعش وجرائمها بتعلة «الغضب» أو ان هذه الحركة ستجد نفسها خارج المسار الطبيعي للتاريخ وفي تناقض تام مع الشعب التونسي وطبيعته الوسطيّة التي ترفض المشروع الديني المتهور والمرتبط عضويا بمخطّط أمريكي صهيوني مموّل من الوهابية وقطر والذي أدّى الى قتل ما يناهز 4 ملايين عربي وتدمير مدن عربيّة بأكملها بما في ذلك ذاكرتها الثقافيّة.
أكتب كلّ هذا لأنّي أحبّ بلادي أكثر من أيّ شيء في الدنيا وأنا لا أخشى ردود فعل الميليشيات على «الفايسبوك» وخارجه، ففي تونس ملايين من المواطنين الشرفاء الذين مازالوا على الميدان وبأيديهم كتاب الذاكرة والمستقبل الذي يمقت الشعوذة والمتاجرة بالدين لأغراض سياسيّة.. ولقد راودتني فكرة كتابة هذه الافتتاحية وأنا أشاهد عددا من لجان تخريب الثورة أمام محكمة سوسة وهم يدافعون عن الذين سحلوا وقتلوا الشهيد لطفي نقض علما انّ العدالة  كانت تقتضي محاكمة 10 أو 15 مجرما اشتركوا في سحل الشهيد دون شفقة ولا رحمة كما انّه كان على حكومة السيد يوسف الشاهد ان تتدخّل أمنيا وتأذن بإيقاف من يحتفلون بقتل نقض (aprologie du crime) حيث كانوا يقهقهون ويرقصون أمام مقرّ المحكمة،  وفضلا عن ذلك فقد كنت انتظر من رئيس الجمهورية ردّة فعل صارمة لأنّ لطفي نقض كان مسؤولا سياسيا في نداء تونس وساند بكلّ قوّة السيد الباجي قايد السبسي لكن لا رئيس الحكومة ولا رئيس الجمهورية اهتما بهذه القضيّة المعروضة على  محكمة سوسة.

ما هذا يا سي الباجي وما هذا يا سي الشاهد؟ هل خشيتما 10 مارقين تحولوا في حافلة لمساندة المتّهمين؟ ما هذا؟ أنا لا أساند دولة ضعيفة وحكومة ضعيفة وأعترض على هذا «الاحتفال» الشّنيع أمام محكمة سوسة وأقول لسي يوسف: هل أصبحت الحكومة التونسية التي ترأسها تهاب الميليشيات وبعض المارقين السياسيين! لقد كان المنطق يفرض منع هذه التظاهرة المساندة للمتهمين لكن «الله غالب» ها انّ مسلسل ضعف الدولة التونسية متواصل ودم الشهيد لم يجفّ بعد.
فما دامت الحكومة لم تمنع هذا النوع من النشاط (بالمناسبة من موّل العمليّة واكترى الحافلة التي نقلت الميليشيات؟) ولم تتخذ مواقف حازمة ضد المارقين والمتشدّدين والحاملين لمشروع ظلامي فستظل تونس في خطر وعلى كفّ عفريت علما انّ حزبا من الأحزاب هدّد أمن تونس ورغم ذلك لم «تجرؤ» السلطة على مواجهة الحاملين والحالمين لمشروع دولة الخلافة الفاشية والرجعيّة وأعني بذلك حزب «التحرير»..

 ان رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة لهما مسؤولية ثابتة في التصدّي لكلّ الأحزاب العقائدية التي تهدّد أمن تونس رغم انّ «الشيخين» هما من فرضا التوازنات بين النداء والنهضة، وهي توازنات وعلاقات لم تضمن لتونس الاّ شبه استقرار في انتظار العواصف..
يا سي يوسف لا تهتم فقط بالاقتصاد تاركا لسي الباجي السياسة لأنّه لا يملك حلولا مستقبلية.. ونريدك أن تساهم في انقاذ تونس وذلك بفرض الدولة المدنية الديمقراطية دون لين ولا حسابات!

المصدر: الجمهورية

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة