الهند وأفغانستان خلال سنة 2016 .. علاقات ثنائية متميزة باتجاه إرساء شراكة استراتيجية بين البلدين

من قبل : سعد أبو الدهاج
نيودلهي  -   واصلت الهند وأفغانستان، خلال سنة 2016 ، نسج علاقات ثنائية متميزة، يسعى من خلالها البلدان الصديقان إلى تعزيز آفاق التعاون باتجاه إرساء شراكة استراتيجية بأبعاد مستقبلية.
 كما واصل البلدان، خلال هذه السنة التي تشرف على الانتهاء، مشاوراتهما في ما يخص تطوير الدينامية السياسية والاقتصادية بينهما وتوطيد سبل التعاون الثنائي في مجالات الأمن والدفاع ومحاربة الإرهاب والتنمية الاقتصادية والمبادلات التجارية.
 وجاءت الزيارة الرسمية للرئيس الأفغاني، محمد أشرف عبد الغني، إلى الهند يومي 14 و 15 شتنبر الماضي، كخطوة إضافية تعكس بجلاء المستوى الممتاز للعلاقات بين البلدين، والتي يسودها انسجام كبير في عدد من القضايا الإقليمية والدولية.
وخلال هذه الزيارة، أجرى الرئيس الأفغاني مباحثات مع الوزير الأول ناريندرا مودي بشأن عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، منها على الخصوص العلاقات المتدهورة للبلدين مع الجارة باكستان، تعهدت بعدها سلطات نيودلهي بتقديم مساعدات مالية بقيمة مليار دولار، من أجل "تعزيز التزام الهند تجاه أفغانستان مزدهرة وموحدة وذات سيادة تتمتع بالديمقراطية والسلام والاستقرار ".
كما عقد الرئيس محمد أشرف عبد الغني لقاءات مع عدد من أبرز الهيئات والمؤسسات الاقتصادية والتجارية الهندية، ارتكزت حول السبل الكفيلة بضخ استثمارات لدعم الاقتصاد الأفغاني.
 وبرأي عدد من المراقبين، فإن حكومة كابول وجدت في الهند حليفا موثوقا في ما يخص دعم العمليات العسكرية التي تنفذها قوات الأمن والجيش الأفغانيان من أجل استهداف مواقع المجموعات الإرهابية المسلحة، لاسيما تنظيم "طالبان" الذي يشن هجمات متكررة على أهداف مدنية وعسكرية في أنحاء أفغانستان.
وأضاف المراقبون أن سلطات نيودلهي ما فتئت تدعم الحكومة الأفغانية بالعتاد العسكري لمواجهة المجموعات الإرهابية، من خلال تزويدها بأربع مروحيات عسكرية هجومية من طراز (إم آي – 25)، وكميات إضافية من العتاد العسكري خلال زيارة قائد الجيش الأفغاني الجنرال قدام شاه شميم ولقائه بنظيره الهندي الجنرال دلبير سينغ وعدد من القيادات العليا في الجيش الهندي.
وأكدوا أن حكومة كابول أضحت في أمس الحاجة إلى دعم لوجستيكي وعسكري هندي جديد، لاسيما بعد النجاحات الأخيرة التي أحرزتها حركة "طالبان"، ومكنتها من فرض الحصار على مدينة تارين كورت، وتهديدها بالسيطرة على مدينتي لشكر قاه عاصمة ولاية هلمند المجاورة، وقندوز عاصمة الولاية التي تحمل الاسم نفسه.
وارتباطا بموضوع الإرهاب، تلتقي الهند وأفغانستان في توجيه الاتهام إلى سلطات إسلام آباد بدعم المتمردين والجماعات المتشددة التي تنفذ عمليات إرهابية داخل البلدين معا، إذ أن العلاقات بين الهند وأفغانستان من جهة وباكستان شهدت توترا بالغا خلال النصف الثاني من سنة 2016 ، بسبب ما يعتبرانه "دعما باكستانيا لعدد من التنظيمات الإرهابية مثل حركة (طالبان) وجماعة (لشكر طيبة)"، مما تسبب في تعليق محادثات السلام التي تعقد بوساطة باكستانية، كما أدى إلى جمود دبلوماسي في محور نيودلهي – إسلام آباد، ينضاف إلى مشكل إقليم كشمير.
من جهة أخرى، يبرز التعاون بين الهند وأفغانستان على الصعيد الاقتصادي والتجاري، إذ يرتبط البلدان بمعية إيران، باتفاقية "جابهار"، التي شكلت نواة تعاون تجاري مميز بينهما، بعدما وقعت الأطراف الثلاث اتفاقا ثلاثيا لتطوير ميناء "جابهار" في أقصى جنوب شرق إيران على المحيط الهندي، والذي يشمل استثمارات مشتركة، ويهدف إلى تعزيز أهمية الميناء ليساهم في زيادة حجم التبادل التجاري بين تلك الدول.
كما تنخرط الهند وأفغانستان في اجتماع ثلاثي مع إيران من أجل بحث سبل التعاون في مجال مكافحة الإرهاب في المنطقة ومناقشة الوضع السياسي والأمني في أفغانستان، من أجل العمل على تعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة التهديدات الناجمة عن الإرهاب والتطرف، واستكشاف الحلول المحتملة للتعاون في ما يخص عملية قلب آسيا- اسطنبول.
وفي هذا الإطار، أولت السلطات الهندية أهمية كبيرة لمؤتمر بروكسل حول أفغانستان، الذي انعقد يومي رابع وخامس أكتوبر الماضي، بمشاركة الحكومة الأفغانية، ممثلة في الرئيس عبد الغني والرئيس التنفيذي عبد الله عبد الله وأعضاء من 70 دولة و30 منظمة وهيئة دولية، فضلا عن الاتحاد الأوروبي الذي استضاف أعمال هذا المؤتمر.
وتأمل سلطات نيودلهي في زيادة تعاونها مع أفغانستان، بالنظر إلى أنها تشكل نقطة انطلاق للصادرات الهندية نحو الأسواق الجديدة في جمهوريات وسط آسيا، وكذا بالنسبة إلى مشروع خط الغاز الذي سيمر بين تركمانستان عبر أراضي أفغانستان وباكستان للوصول إلى الهند.
 وتواصل الهند دعمها لأفغانستان بعدما تعهدت، مؤخرا، بمنح حكومة كابول مساعدات مالية جديدة بقيمة 25 مليون دولار، من أجل تمويل مشاريع تنموية صغرى، فضلا عن دعمها المتواصل والمساعدات التي قدمتها من أجل بناء مقر البرلمان الأفغاني وأحد السدود المهمة داخل البلاد.

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة