انتصار العدالة الاوروبية لحق الشعب الصحراوي


ان اعتراف اعلى هيئة قضائية في اوروبا بان الصحراء الغربية هي ارض مستقلة عن المغرب ولا تربطهما اي علاقة قانونية، هو انتصار جديد يحرزه الشعب الصحراوي على الساحة الاوروبية ويفتح المجال امام العمل الدبلوماسي الصحراوي لاستثمار هذا المكسب التاريخي لتوسيع دائرة التضامن الدولي وتكريس الاعتراف بالدولة الصحراوية داخل هذا الكيان السياسي الذي يؤثر بشكل كبير في رسم السياسة الدولية، من خلال الاستغلال الامثل لهذا السلاح الفعال الذي وضعته المحكمة الاوروبية بأيدينا في شق الطريق داخل الاتحاد الأوروبي وعواصم صنع القرار وتحريك المجتمع المدني الاسباني لإدانة تواطؤ الحكومات الاسبانية المتعاقبة مع المغرب ضد ارادة الشعب الصحراوي وحقه غير القابل للتصرف في الحرية والاستقلال.
فقد جاء قرار محكمة النقض الاوروبية الصادر يوم 21 ديسمبر 2016 ليعزز الرصيد القانوني للشعب الصحراوي ولوائح الجمعية العامة للأمم المتحدة وقرارات مجلس الامن الدولي التي تصدر بشكل سنوي، وينسجم ايضا مع الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر سنة 1975، وهي كلها وثائق قانونية تؤكد بان الصحراء الغربية اقليم غير متمتع بحق تقرير المصير ولا تربطه أي روابط سيادة او قانون مع المملكة المغربية.
الحكم الصادر عن المحكمة الأوروبية جاء واضحا وبدون لبس ليضع النقاط على الحروف في توضيح الحجم الجغرافي والسياسي للمغرب المعترف له به دوليا، وان الاتفاقيات بين الاتحاد الاوروبي والمغرب لا تطبق في الصحراء الغربية نظرا لوضعها الخاص بحسب القانون الدولي، وانه لا يجوز بحال من الاحوال استغلال الثروات الطبيعية للصحراء الغربية دون موافقة الشعب الصحراوي الذي تعتبر جبهة البوليساريو ممثله الشرعي والوحيد.
ومن هنا يكتسي القرار اهمية قصوى حيث ستضطر كل الدول والشركات التي تعمل بالأراضي او المياه الاقليمية للصحراء الغربية الى المغادرة فورا او ستعرض نفسها للمتابعة القضائية وتسديد تعويضات عملها غير الشرعي، هذا فضلا عن بطلان عقد او ابرام اي اتفاقيات او معاهدات في المستقبل مع المغرب فيما يخص منطقة الصحراء الغربية، وهو ما يتطلب تركيز المتابعة لكل الانشطة التي يقوم بها الاحتلال في استغلال الثروات الطبيعية الصحراوية وتوثيق هذه الانشطة وتتبعها، لجمع الادلة التي تدين الاحتلال وكل الشركاء معه وتوثيقها وتقديمها امام المحاكم الدولية.
ومن نافلة القول ان المغرب في وضعية داخلية وإقليمية ودولية غير مسبوقة ففي الوقت الذي تتهدده موجات الغضب السياسي والاجتماعي التي اصبحت جزء من المشهد اليومي لمغرب تغيب فيه الحقوق في واقع الاستبداد والفقر المدقع، يعيش ازمة قطيعة مع جيرانه ومحيطه المغاربي، جراء التطاول المستمر على سيادة الجزائر وموريتانيا والإمعان في التنكيل وانتهاكات حقوق الانسان في الصحراء الغربية، ورفض التعاطي مع وساطة الامم المتحدة وتحجيم دور بعثتها في المنطقة.
وهو ما سبب له عزلة افريقية خاصة بعد المحاولات اليائسة لشق الصف الافريقي، وانشغال اقرب اصدقائه وحلفائه الذين طالما وقفوا معه للمحاجة عن اطروحاته التوسعية، ومساعدته بالمال في شراء المواقف والأشخاص والهيئات، فشغلت ممالك الخليج بوضعها الذي لا يحتاج الى بيان، وفشلت رهاناته على الادارة الجديدة في كل من الولايات المتحدة وفرنسا بعد سقوط كلينتون وساركوزي دون ان يسترد اموال الحملات الانتخابية المدفوعة.
ومع محاولات البحث عن مخرج قرر ملك المغرب التوجه إلى القارة الإفريقية، غير ان الاسلوب المتهور والصبياني الذي يتعامل به ملك المغرب مع الزعماء الافارقة، حول كل الزيارات التي قادته الى عواصم افريقيا الى خيبات امل جعلت الدبلوماسية المغربية سخرية تتسلى بها الصحافة الإفريقية وانعكس ذلك على مستوى الاستقبال او التصريحات التي رافقت ذلك مع التأكيد دائما ان كل الدول الافريقية تلتزم بموقف الاتحاد الافريقي فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية، وهي اشارات واضحة يجب ان يهضمها المغرب قبل الصدمة المنتظرة في قمة الاتحاد الافريقي القادمة.
بقلم: اباه الديه الشيخ محمد

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة