‏إسرائيل تتكلم بالعربية‏ : عودة السياح الإسرائيليين لمصروالمصريون يرحبون

قامت أول مجموعة سياحية إسرائيلية مؤخراً بزيارة لمصر هي الأولى من نوعها منذ عام ونصف العام. وشملت رحلة المجموعة وادي الملوك وسد أسوان، كما تنقلت بين بقايا التراث اليهودي في مصر وبين أمجاد الماضي في رحلة شيقة.
إن الإسرائيليين، عدا عن أصحاب المناصب الرسمية أو المسافرين الذين يعرجون على مطار القاهرة كمحطة انتقالية في طريقهم إلى مقاصد أخرى أبعد، يتجنبون الوصول إلى مصر. وبالتالي يتم وضع الأجهزة الأمنية المحلية على أهبة الاستعداد فيما تبذل وزارة الداخلية المصرية جهوداً استثنائية لمنع وقوع أي خلل في تلك الحالات التي أصبحت نادرة من زيارة الإسرائيليين للأراضي المصرية. 
وعلى الرغم من التحذيرات الخطيرة التي كانت عدة دول قد وجهتها إلى مواطنيها بالابتعاد عن المواقع المكتظة في جميع أنحاء مصر، فقد قررت مراسلة صحيفة "يديعوت أحرونوت" سمادار بيري عدم التخلي عن مشاركتها في رحلة لمصر نظمتها شركة السفريات الإسرائيلية "أيالا"، وكان شأنها بذلك شأن جميع الإسرائيليين الآخرين الذين قرروا المشاركة في هذه الرحلة.
وكانت الصحفية بيري قد زارت مصر مئات المرات ما جعلها تؤكد أن الرحلة الأخيرة جرت وسط إجراءات أمنية مشددة لحماية السياح الإسرائيليين على مدار الساعة. إذ كانت هناك سيارة أمن واحدة تسير دائماً أمام حافلة السياح الإسرائيليين لتشق لها الطريق وسط الاختناقات المرورية فيما كانت هناك سيارة أمن أخرى تسير خلف الحافلة تحسباً من أي هجوم مباغت أو محاولة اختطاف، ناهيك عن دراجتيْن كانتا تسيران بمحاذاة جانبيْ الحافلة وتطلقان باستمرار صفارات الإنذار. وكان الحراس المصريون يصرّون على رفض طلبات السياح الإسرائيليين المتكررة بالسماح لهم بجسّ نبض مصر مشياً على الأقدام. ونقلت الصحفية بيري، في سياق التقرير الذي أعدته عن الرحلة، عن النقيب محمود الذي رافق مجموعة السياح عند زيارتها لمدينة الأقصر قوله: "سوف يفصلونني عن العمل إذا ما سقطت شعرة من شعرات رؤوسكم". وتجدر الإشارة إلى أن النقيب محمود يمارس عمله في مجال الحراسة منذ 14 عاماً، ما يجعله يستحضر ذكريات الماضي حيث كان الإسرائيليون يتوافدون إلى أزقة سوق خان الخليلي في القاهرة وإلى الأهرامات في الجيزة. وقال النقيب محمود: "إن الإسرائيليين يصنعون الضجيج لكنهم يقبلون بشغف على الشراء ويصرفون الأموال، كما أنهم لا يتناسون في نهاية الأمر منح الحارس أيضاً مبلغاً من المال".
المصريون يرحبون بالسياح الإسرائيليين
صحيح أن أي جهة حكومية مصرية مسؤولة لم تخرج بتصريح علني يرحب بزيارات الإسرائيليين لمصر، غير أن الصحفية سمادار بيري أكدت في تقريرها أن السياح الإسرائيليين لم يواجهوا قط على امتداد مسار زيارتهم لمئات الكيلومترات أي مظهر من مظاهر العداء حتى لدى تقديمهم أنفسهم علناً على أنهم مواطنون إسرائيليون.
وتميزت مجموعة الإسرائيليين الذين شاركوا في الرحلة بتنوّعها، إذ كان من بين أفرادها كل من قاضية في محكمة للشؤون العائلية وزوجها العامل في مجال السياحة وابنتهما الطالبة في المرحلة الثانوية، وكذلك موسيقار وزوجته، إضافة إلى معلم التأريخ يوسيف بالومبو والمحامي العامل في إحدى شركات التأمين موشيه كابويا، علماً بأن هذين الشخصيْن ينحدران من أصول مصرية حيث كان والداهما قد نشآ وتربّيا في القاهرة ثم عملا في متجر الملابس الشهير "شيكوريل" وسط القاهرة. أما الموسيقار داني غوتفريد فقرر الانضمام إلى الرحلة متأثراً بلهفة أحد أصدقائه الذي كان قد وُلد في مصر. ولم يندم غوتفريد، رغم تردده الأولي، على قرار المشاركة في الرحلة حيث قال: "بعد كل ما شاهدته أيقنتُ من صدق موقف صديقي، علماً بأنه كان قد أكد لي أن زيارة مصر ستكون بمثابة ‘رحلة العمر’. وقد قلتُ لنفسي: أي نعم، إنها كانت حقيقة تجربة تختلف تماماً عن كل ما ألفته واعتدته".
ما احلى مذاق الطعمية
وقد اشتمل برنامج زيارة السياح الإسرائيليين لمصر على رحلة بالمنطاد في أجواء الأقصر بالإضافة إلى تجارب من قبيل تذوّق الطعمية (نوع من الفلافل الحار المصنوع من الفول) في مطعم "فلفلة" الشهير بالقاهرة، وزيارة الموقع حيث كان، إلى ما قبل عاميْن، مقرّ متجر "شيكوريل" الآنف الذكر الذي كانت تملكه عائلة يهودية ليحلّ محلّه الآن فرع كبير لـ"بنك مصر"، والتجوال على امتداد شارع قصر النيل والتقاط الصور للكنيس الكبير "شعاريه شاماييم" ("أبواب السماء") الخاضع للحراسة المشددة. ولدى ارتياد السياح الإسرائيليين مكتبة "مدبولي" الشهيرة التي مضى أكثر من قرن على تأسيسها، أبرز لهم البائع كتاب "ياسمين" للأديب الإسرائيلي إيلي عمير دون أن يخفي عنهم- بالمقابل- نسخة من كتاب "بروتوكولات حكماء صهيون" وهو من أبرز الأعمال المعادية لليهود. وقام السياح الإسرائيليون أيضاً بزيارة "عمارة يعقوبيان" محور رواية الكاتب المصري علاء الأسواني التي نالت رواجاً عالمياً وتم نشر ترجمتها إلى العبرية في وقت سابق من العام الجاري. أما حفل نهاية الرحلة فقد أقيم على ظهر المركب السياحي "نايل مكسيم" الذي يرسو في الضفة الغربية لنهر النيل في القاهرة.
وجعلت مجمل هذه التجارب الصحفية سمادار بيري تشعر بعد انتهاء الرحلة بأنها تمكنت من مشاهدة مصر بصورة تختلف عما كانت قد رأته في كل رحلاتها السابقة، مؤكِّدةً بشكل خاص على مظاهر الفقر واليأس منقطعة النظير التي شهدتها. من ناحية أخرى ذكرت فنانة الستاند أب كوميدي لينوي بار غيل التي انضمت أيضاً إلى المجموعة أن الرحلة كانت تجربة شخصية شديدة المغزى بالنسبة لها دون أن تستبعد انتقالها للإقامة في مصر لتتمكن من معايشة هذه التجربة بمختلف تجلياتها بل سعيها لإقناع أصدقائها بالانضمام إليها.
تصوير: جافين بنرمان، فليكر
يديعوت أحرونوت
‏إسرائيل تتكلم بالعربية‏

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة