قنا 5 قلاع محصنة لتجارة الأفيون على خطى فيلم الجزيرة إحنا الحكومة

تعد قرى «السمطا، الحجيرات، أبوحزام، حمردوم، نجع سعيد»، أهم قلاع تجارة المخدرات والسلاح فى محافظة قنا، ومصدر التوزيع لكافة مراكز المحافظة، حيث تخصصت فى زراعة مخدر الأفيون بالجبال ووسط زراعات القصب، ومعروف عن تلك القرى أنها تضم مجرمين عتاة صادر بحقهم أحكام قضائية ما بين المؤبد والإعدام، ما جعلها عصية على الشرطة.

سيطر تجار المخدرات على تلك القرى وكوّنوا ثروة طائلة مكّنتهم من تكوين إمبراطورية قادرة على تجنيد المخبرين فى مراكز الشرطة برواتب شهرية للإبلاغ عن كافة الحملات الأمنية التى تستهدف تلك القرى، وفى الغالب تنتهى تلك الحملات بالفشل، هذا ما أكده «مصطفى.ح.ك»، من أهالى قرية الحجيرات، مشيراً إلى أن القرية تضم أكثر من 70 تاجراً للمخدرات والسلاح، يوزعون كافة أنواع المواد المخدرة من مدينة قوص جنوباً حتى أبوتشت شمالاً، ويعمل معهم الكثير من الصبية كـ«عيون» فى كافة النجوع التابعة للقرية، لرصد أى تحركات غريبة من قبل أجهزة الأمن التى فشلت فى دخول القرية بسبب تبادل إطلاق النار الكثيف تجاه القوات من قبل العناصر الإجرامية.

10 ملايين جنيه حصيلة زراعته فى «السمطا».. وضابط شرطة سابق: «المخبرين» كوّنوا ثروات من حماية التجار

وأضاف: «لو نجحت الشرطة فى دخول القرية تجدها خاوية حيث يختبئ المجرمون فى زراعات القصب، وسرعان ما يعاودون ممارسة نشاطهم بعد رحيل القوات، ليستقبلوا عملاءهم لشراء المخدرات والسلاح بكل حرية وعلى مسمع ومرأى من الجميع ويخرجون بسلام، لأنهم يعرفون أنها قرية محرمة على الشرطة، وسبق أن حرق الأهالى نقطة الشرطة الكائنة بالقرية، منذ عامين بعد قتل الشرطة أحد أبناء القرية خلال مطاردة بالأسلحة النارية لاتهامه فى قضايا مخدرات وثأر»، ولفت إلى أن محال البقالة تبيع الأقراص المخدرة إلى جانب الحشيش والأفيون مثلما تبيع السكر والشاى والزيت، مستغلين غياب الأمن، وسيطرة المطاردين أمنياً من الحكومة على القرية، حاملين أسلحتهم جهاراً نهاراً سواء داخل القرية أو خارجها فى النجوع التابعة لها، مؤكداً أن عدداً من أفراد الشرطة والمخبرين يحمون هؤلاء المجرمين مقابل الحصول على جزء من أرباح تجارة المخدرات.

وتمثل قرية «السمطا»، فى دشنا التى يطلق عليها الأهالى «إمبراطورية الأفيون فى الصعيد» مصدراً مهماً لإنتاج مخدر الأفيون وتجارته، ومعروف عن القرية نشاطها فى زراعة وتجارة الأفيون منذ عهد محمد على باشا، حيث كانت المحافظة بأكملها تزرع 12 ألف فدان من الأفيون، وفى عام 1925 ميلادية حرّمت الحكومة زراعته، وحينها كانت القرية تزرع 4 آلاف فدان، ومؤخراً عاد نشاط القرية فى زراعة الأفيون وتجارته بكل حرية مستغلين عدم قدرة الشرطة على الوصول إلى الزراعات بسبب طبيعتها الجبلية وعدم وجود طائرات للبحث عن تلك الزراعة.

الأهالى: رواتب شهرية للفاسدين فى مراكز الشرطة والحشيش والأقراص المخدرة تباع فى محال البقالة

«محمود السمطى»، أحد أبناء القرية، أثبت أن زراعات القصب ساعدت على انتشار زراعة الأفيون، حيث تتم زراعته وسط محصول القصب، ويمثل مصدر الدخل الرئيسى لأهالى القرية، لافتاً إلى أن الأفيون الذى يزرع فى المناطق الوعرة التى يصعب على الشرطة الدخول إليها يدر على الأقل مليون جنيه سنوياً، فى مساحة لا تتعدى قراريط محدودة، يزرعها ويرعاها أفراد العائلة الواحدة، ثم يقتسمون الأرباح فيما بينهم، وحتى يكون الكل راضياً ولا تحدث فتن فيما بينهم يتولى كبيرهم تسويق المحصول وتوزيع الدخل على أفراد العائلة بالتساوى، مشيراً إلى أن التجار يوزعون جوهر الأفيون فى معظم المحافظات بطرق خاصة تفننوا فيها ولم تستطع الشرطة السيطرة على تلك التجارة، التى قدرت مصادر مطلعة حجمها بما يزيد على 10 ملايين جنيه سنوياً.

وقال «عبدالهادى.ك»، من أبناء القرية، إن القرية اشتهرت بالقتل والسرقة والخطف وزراعة الأفيون والبانجو فى زراعات القصب، فضلاً عن قدرتهم على تجنيد المخبرين الذين يتقاضون رواتب شهرية من التجار مقابل الإبلاغ عن كافة الحملات التى تخرج من مراكز الشرطة لتستهدف تجار المخدرات والسلاح بالقرية، ورغم وجود نقطة شرطة بالقرية فإنها لا تمثل أهمية، رغم الصراعات بين التجار الناتجة عن الخلاف على تعاملات فى تجارة المخدرات، مضيفاً «هناك اتفاق مباشر بين الشرطة وتجار المخدرات يقضى بتسليمهم أشخاصاً بكميات من المخدرات، لتحرير قضايا لهم على فترات زمنية متفاوتة، مقابل استمرار نشاط التجار فى بيع المخدرات دون قيود.

وفى «حمردوم وأبوحزام ونجع سعيد»، التابعين لمراكز نجع حمادى ودشنا، يطلق الأهالى على تلك القرى «خط الجبل»، حيث التجارة الحرة فى المخدرات والسلاح والسيارات المسروقة بدعم من عصابات «البلابيش» فى دار السلام بسوهاج، فتجارة السلاح أصبح ربحها قليلاً بعد تضييق الخناق من قبل الشرطة وعدم رغبة الناس فى شراء أسلحة أخرى بعدما تشبعوا عقب ثورة يناير وسنوات الفوضى، لتبقى تجارة الأقراص المخدرة والحشيش والأفيون هى الرائجة، لكثرة زبائنها فى الصعيد وكافة المحافظات، وفى هذا الصدد، ألمح مسعود الهوارى، من أبناء قرى الجبل، إلى أن تجار المواد المخدرة يستغلون المدقات الجبلية لتهريب الحشيش والبانجو، فضلاً عن زراعة البانجو والأفيون فى المناطق الجبلية التى يصعب وصول الشرطة إليها بسبب صعوبة الانتقال فى المناطق الجبلية وعدم قدرة الشرطة على الدخول لقرى الجبل بسبب الخلافات الثأرية.

وتابع أن هناك تعاملات بين الشرطة وتجار المخدرات، تقضى بتسليم كمية من المخدرات لتحرير محاضر بها على فترات مقابل تركهم يتاجرون بكل حرية، مشيراً إلى أن ضباط المباحث يكتبون تقارير مخالفة للواقع عن تلك القرى تؤكد أنها آمنة ولا تمثل مصدر إزعاج للحكومة أو المواطنين، فضلاً عن فرض بعض المخبرين إتاوات برضا تجار المخدرات والسلاح فى المناطق الجبلية، حيث يأتى المخبر شهرياً ليحصل على مبالغ ضخمة، وذلك يحدث فى مركزى نجع حمادى بقرية القناوية وفى دشنا بقرية السمطا وفاو وغيرها من المناطق المعروفة بالإجرام.

فيما أثبت ضابط شرطة سابق، بالمعاش، ومتابع للوضع الأمنى، رفض ذكر اسمه، أن معدل الإجرام فى تلك القرى المذكورة عالٍ جداً، فمثلاً قرية الحجيرات بها أكثر من 90 شخصاً من المحكوم عليهم بالإعدام، و45 متهماً بقرية السمطا صادر بحقهم أحكام بالمؤبد والإعدام، إلى جانب 120 متهماً فى قضايا جنائية بقرى الجبل، جميعهم يعملون فى تجارة المخدرات ويتمتعون بحياة طبيعية لعدم قدرة الشرطة على الدخول إلى تلك القرى، مضيفاً: «هناك خطة اتفاق بين الشرطة وتجار المخدرات.. نفّعنى وانفّعك»، وهم يملكون تجارة مخدرات وسلاح وسيارات مسروقة تقدر بـ 50 مليون جنيه».

وكشف المصدر، أن التوترات التى حدثت بين تجار المخدرات فى قريتى الحجيرات والسمطا منذ الثورة وحتى الآن، خلفت 20 قضية خطف وسرقة وقتل، موضحاً أن هناك إحصائية غير رسمية تم تحريرها عقب ثورة يناير، أثبتت وصول عمليات السطو المسلح على السيارات إلى أكثر من 60 عملية فى قرى أبوحزام وحمردوم ونجع سعيد، مشيراً إلى أن القضاء على تلك الظاهرة يستوجب من قيادات الأمن فى المديرية إبلاغ الوزارة بتأزم الوضع فى تلك القرى، حتى يمكنها الحصول على دعم، ووضع خطط أمنية محكمة، مع إبعاد المخبرين الذين أصبحوا أثرياء جراء الإتاوات، على أن تتضمن القيام بالحملات بعد الانتهاء من موسم القصب الذى يختبئ فيه المجرمون، لاستهدافهم بكل سهولة، إلا أن ما يحدث يقتصر على إرسال تقارير «الوضع تمام».

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة