الشرقية أسلحة العصابات تتحدى الحكومة وتسريب المعلومات يجهض مداهمات رجال الشرطة

تنتشر أوكار تجارة المخدرات بمحافظة الشرقية، على الرغم من المداهمات الأمنية لتلك المناطق، إلا أن نشاط تجارة المخدرات فيها لم يتوقف أو يتم القضاء عليه، ويتخذ التجار وسائل عدة للاستمرار فى نشاطهم ومن يتم القبض عليه يتولى رجاله أو أقاربه إدارة التجارة غير المشروعة.

منطقة «السحر والجمال»، تبعد عن المناطق السكانية بمدينة العاشر من رمضان، بنحو 12 كيلومتراً، وتعد حصناً منيعاً للأعراب والبلطجية الذين سيطروا على مداخلها ولا يسمحون بالمرور سوى لزبائنهم المعروفين من متعاطى المواد المخدرة وتجار الأسلحة، وعند المداهمات الأمنية تنسحب العناصر الإجرامية ناحية الطريق الصحراوى الرابط بين العاشر من رمضان وأبوحماد وتحديداً على بعد 5 كيلومترات من مدينة العاشر فى منطقة تسمى طريق العمدان ثم يعودون لوكرهم مجدداً، وعادة ما يعلمون وقت المداهمة من مصادرهم السرية.

منطقة «السحر والجمال» تروج المخدرات بأسعار لا تقبل المنافسة.. و«شلشلمون» و«العاقولة» و«وادى الملاك» و«أبونجاح» أشهر أوكار الإجرام

كما أن المدمنين والعناصر الإجرامية يسلكون طرقاً بديلة لضمان الوصول الآمن للمنطقة فى ظل غياب الأجهزة الأمنية التى تشن هجوماً على فترات متباعدة دون القدرة على تطهيرها ودحر العناصر الإجرامية فى أوكارهم، بسبب تسرب المعلومات عن توقيت المداهمات.

«رفع تعريفة الركوب وسيلة البعض لإغراء سائقى السيارات الأجرة لتوصيل المدمنين قبل المنطقة بمسافة كيلومتر»، بتلك الكلمات بدأ «م.ع»، 45 عاماً، من أهالى مدينة العاشر من رمضان، حديثه لـ«الوطن»، وتابع قائلاً: «تكلفة الركوب لا تتعدى 30 جنيهاً ولكن الشخص الذى يريد الذهاب للمنطقة يعرض على السائق 200 جنيه مقابل توصيلة مخصوص، ما يعتبر حافزاً للسائق لنقله فيما يرفض غالبية السائقين تلك العروض حفاظاً على حياتهم»، ولفت إلى أن المدخل الرئيسى للمنطقة يقع بطريق «مصر-إسماعيلية»، الصحراوى ومنذ عدة سنوات كان يوجد كمين للجيش غير دائم ومنذ نحو 7 أشهر أصبح الكمين موجوداً بشكل دائم، ما دفع متعاطى المخدرات والمجرمين إلى سلك طرق بديلة هى طريق الأردنية مروراً بالمجاورة 30 و33 وصولاً للمنطقة ويبلغ طوله نحو 8 كيلومترات، وطريق ثانٍ من ناحية برك الأكسدة ويبلغ طوله نحو 5 كيلومترات، وطريق ثالث من ناحية الصالحية الجديدة ويبلغ طوله نحو 15 كيلومتراً، وآخر من ناحية وادى الملاك بأبوحماد، مضيفاً أن الأجهزة الأمنية على علم كامل بكل الطرق البديلة.

الأهالى: الشرطة تتقاعس عن ضبط زعماء العصابات.. والمجرمون جندوا أفراداً بالمركز لإبلاغهم بالحملات قبل انطلاقها

وأضاف أن أجهزة الأمن بالشرقية والإسماعيلية شنت حملات مداهمة على المنطقة بعد أن ذاع صيتها، حفظاً لماء الوجه، ما دفع المجرمين للهروب واتخاذ أوكار بديلة بالطريق الإقليمى وطريق العمدان بطريق العاشر من رمضان، مشيراً إلى أن الأسعار لدى هؤلاء التجار تقل كثيراً عن الأسعار بأى مناطق أخرى موضحاً أن سعر تذكرة الهيروين 150 جنيهاً، فى حين تصل فى الأماكن الأخرى إلى 300 جنيه، وفرش الحشيش يباع مقابل 6 آلاف جنيه، وصباع الحشيش مقابل 200 جنيه.

«القتل» أسهل وسيلة للتخلص من الخصوم ولا صوت يعلو فوق صوت الرصاص

وأوضح «م.ك»، 29 عاماً، شاب تعافى من الإدمان ومقيم بمدينة العاشر من رمضان، أنه كان يتردد بصفة دائمة على تلك الأوكار لشراء الهيروين بأسعار أقل بنسبة 50%، مشيراً إلى أن المنطقة عبارة عن مكان جبلى به مجموعة من أبراج المراقبة التى يقف بها عدد من البلطجية مدججين بالسلاح وآخرين يحملون مناظير لمراقبة الطرق عن بُعد وفى مختلف أنحاء المكان ينتشر بائعو المواد المخدرة بينما ينخرط البعض فى إعداد المواد ووزنها حيث يعدون الهيروين بالجرامات والحشيش كقطع وصوابع، وتابع: «فى تلك المناطق لا مجال للكلام أو الحديث فالأمر يقتصر على إعطاء التاجر الأموال وتلقى كمية المخدرات المطلوبة وإذا كان هناك أصوات عالية فإنها تقتصر على طلقات الرصاص وهذا يحدث غالباً إذا ما شك التجار فى الشخص الذى توجه للشراء منهم أو إذا وقعت بين أحدهم وأحد الزبائن أى خلافات ويقتصر الأمر على القتل وإلقاء الجثة فى الصحراء». وسبق أن تم العثور على جثث قتلى من بينهم ضباط، فى تلك المنطقة وهو أمر متكرر، وكان من بين الضحايا متقاعد على قوة مؤسسة أمنية لقى مصرعه عام 2015 متأثراً بإصابته بطلقات نارية على يد تاجر مخدرات بمنطقة السحر والجمال فى مدينة العاشر من رمضان، بعد مشادة كلامية بينهما بسبب سعر المخدرات حيث تلقى اللواء سامح الكيلانى مدير أمن الشرقية آنذاك، إخطاراً بوصول «وليد.أ.م»، 37 عاماً، مقيم بالقاهرة، لمستشفى التأمين الصحى بالعاشر، جثة هامدة، إثر إصابته بطلقات نارية، وبسؤال صديقه، قرر أنه اصطحب المجنى عليه بسيارته، للتوجه إلى المنطقة الجبلية «السحر والجمال»، لشراء مواد مخدرة، وعقب لقاء المجنى عليه مع تاجر المخدرات، اختلفا على السعر وحدثت مشادة كلامية بينهما، وأثناء مغادرته المنطقة بادر تاجر المخدرات بإطلاق النار عليه.

كما عثرت الأجهزة الأمنية على جثتى «ن.س.م»، من مواليد 1991، عامل فى محل هواتف، ومقيم بعطفة عمر بالسيدة زينب، والجثة الثانية لـ«ك.ا.س»، مواليد 88، دبلوم تجارة ومقيم بشارع زقاق الجناين بالسيدة زينب، وتبين من التحريات أن سائق تاكسى يدعى «ى.ف.ر»، كان معتاداً إيصال الشخصين وهما جيرانه من منطقة السيدة زينب إلى منطقة السحر والجمال بالعاشر لشراء المخدرات وإنه يعمل مراجع حسابات بالضرائب العامة، ويعمل بعد الظهر على سيارة أجرة، وأثناء التوجه للمنطقة للشراء اختلف الشابان مع تاجر مخدرات عرباوى فأطلق عليهما النار فيما لاذ السائق بالفرار.

وما زالت تجارة المخدرات تنتشر بكفر شلشلمون التابع لمركز منيا القمح، حيث كشف «أ.س»، أحد الأهالى، عن طرق البيع، قائلاً: «كبار التجار يعتمدون على أفراد عصاباتهم وتتراوح أعمارهم ما بين 13 عاماً و40 عاماً، ويقومون ببيع المخدرات علانية فى وضح النهار على الطرق الزراعية وفى المقابر، ومن هذه الأماكن ترعة المحايلة، مصرف القيلوبى، ترعة أبوالأخضر، إضافة للمقابر والمقاهى خارج الكتل السكنية»، موضحاً أن 8 أشخاص بينهم شقيقان هاربان من السجن فى أحداث ثورة 25 يناير، يسيطران على تلك المناطق بقوة السلاح، ولم يتم القبض عليهما على الرغم من وجودهما بمنازلهما المعلومة لرجال الأمن، لافتاً إلى أنهما على صلة مع عدد من رجال الشرطة الذين يخبرونهم عند توجه أى حملة أمنية لضبطهم ما يدفعهم للفرار قبل وصول القوات، مضيفاً أن عدد أفراد عصابتهم يتعدى 200 شخص.

كما تنشط تجارة المخدرات بوادى الملاك فى مركز أبوحماد التى تتميز بطبيعتها الجبلية، ما ساعد على احتواء الكثير من العناصر الإجرامية ممن يتركز نشاطهم على الاتجار فى المواد المخدرة بعدما تراجعت عمليات السطو المسلح التى كانوا يشنونها على سائقى السيارات لسرقة السيارات بالإكراه وقتل مستقليها، وعادة ما تبوء الحملات الأمنية التى تستهدف تلك المنطقة بالفشل بسبب إبلاغ العاملين بمركز الشرطة للتجار بمواعيد الحملات الأمنية مقابل تقاضيهم مبالغ مالية. وفى قرية أبونجاح، راجت تجارة المخدرات وساعد على ذلك وقوع القرية فى وسط الأراضى الزراعية التى تمتد لمساحات شاسعة وقربها من «كوم السمن والقشيش» أشرس بؤرتين إجراميتين فى القليوبية حيث تبعد عنها بنحو 20 كيلومتراً، ويوجد مروجو المخدرات فى الأراضى الزراعية وعلى الطرق الفرعية لبيع بضاعتهم كما توجد بؤرة أخرى بقرية كفور نجم التابعة لمركز الإبراهيمية وغيرها. مصدر أمنى بمديرية أمن الشرقية صرح، لـ«الوطن»، إن القوات شنت العديد من الحملات الأمنية خلال الفترة الماضية لضبط العناصر الإجرامية ومروجى المخدرات ومهاجمة أوكارهم وكان من بينها قرية العاقولة التابعة لمركز منيا القمح والتى أسفرت عن ضبط كمية من الأسلحة وعدد من العناصر الإجرامية والخارجين عن القانون، مشيراً إلى أن تلك البؤرة كانت على مدار سنوات عديدة عصية على الشرطة إلا أنه تم الاستعانة بقوات قتالية وقوات أمن من الشرطة والجيش لمداهمة تلك البؤرة.

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة